قصة لوط عليه السلام بالتفصيل كأنك تسمعها لأول مرة في حياتك ..
كان لوط في حيرة بين واجب إكرام الضيف وخوفه من قومه الفاسدين، فحاول إقناعهم بالمضي في طريقهم دون النزول في المدينة، محذرًا إياهم من شر أهلها، لكنهم لم يستجيبوا، فاضطر إلى مرافقتهم إلى بيته. حلّ الليل، ودخل الضيوف داره دون أن يراهم أحد، إلا أن زوجته، ما إن رأتهم، حتى تسللت سرًا إلى قومها، تحمل إليهم الخبر. انتشر الأمر سريعًا، وهرع القوم إلى بيت لوط مسرعين ، وقفوا أمام الباب يطرقونه بعنف شديد ، فخرج إليهم لوط محاولًا ابعادهم عن نيتهم الخبيثة ، يتساءل في نفسه بقلق: "من الذي أخبرهم؟"
فنصحهم قائلًا:
"هؤلاء بناتي، هن أطهر لكم"، مشيرًا إلى النساء الطاهرات اللواتي خلقهن الله وفق الفطرة السوية. ثم استحثّهم على مخافة الله قائلًا: "فاتقوا الله"، وذكّرهم بحق الضيف: "ولا تخزونِ في ضيفي"، ثم تساءل بحسرة: "أليس منكم رجل رشيد؟"
لكن كلماته لم تحرك قلوبهم المريضة ولا عقولهم الضالة، فظلوا في غيّهم يطرقون الباب بشدة. شعر لوط عليه السلام بالضعف، فهو غريب بينهم، بلا عشيرة تحميه أو أبناء ذكور يدافعون عنه. في لحظة يأس، دخل البيت غاضبًا وأغلق الباب، لكنه فوجئ بهدوء ضيوفه العجيب وسط هذه العاصفة.
ازداد القوم إلحاحًا، وعلا صوت طرقهم على الباب، حتى صرخ لوط من أعماق قلبه، وقد بلغ به الحزن مداه...
عاد لوط عليه السلام إلى ضيوفه وهو في قمة الغضب والحيرة. كان يسمع أصوات القوم وهم يطرقون الباب بقوة ، يصرخون مطالبين بخروج ضيوفه إليهم. في لحظة يأس، نادى قائلاً:
"لو أنّ لي بكم قوةً أو آوي إلى ركنٍ شديد!"
كانت هذه صرخة ألم من نبيٍّ وحيدٍ في قومٍ لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا. شعر بعجزه أمام هذا الطغيان، ولكن فجأة....
جاءه الرد المفاجئ من ضيوفه الذين لم يتحركوا ولم يبدُ عليهم أي قلق :
"يا لوط، إنا رسل ربك، لن يصلوا إليك!"
لم يكد يصدق ما يسمعه! هؤلاء الضيوف لم يكونوا بشرًا عاديين، بل كانوا ملائكة أرسلهم الله بالعذاب لهؤلاء القوم الفاسدين. ثم فجأة، ضربت الملائكة القوم بعذابٍ أوليّ، فأصابهم العمى، وأخذوا يتخبطون في الظلام غير قادرين على رؤية شيء. أصيبوا بالذعر، وبدأوا يفرّون دون أن يعرفوا طريقًا.
التفتت الملائكة إلى لوط عليه السلام وقالوا له:
"يا لوط، أسرِ بأهلك بقطعٍ من الليل ولا يلتفت منكم أحد، إلا امرأتك، إنها من الغابرين."
كان الأمر واضحًا: لقد حان وقت الخروج، فالمدينة ستُدمر مع طلوع الفجر. أخذ لوط عليه السلام بناته وأسرع خارج المدينة كما أُمر، وكان الليل يخيم على المكان. ساروا في الظلام، والخوف يملأ قلوبهم، إلا أن ثقتهم بوعد الله كانت أقوى.
عندما بدأ الفجر بالبزوغ، جاء أمر الله، وإذا بريحٍ عاتية تقلب المدينة رأسًا على عقب، وأمطارٌ من الحجارة تتساقط عليها، حتى لم يبقَ منها شيء. كانت تلك نهاية القوم الذين أصرّوا على الفاحشة، ورفضوا دعوة نبيهم، وظنوا أنهم في مأمنٍ من عقاب الله.
أما لوط عليه السلام ومن معه، فنجوا برحمةٍ من الله، واستمروا في طريقهم، يحملون في قلوبهم درسًا خالدًا:
أن الأرض ومن عليها لله، وأن من يعصي أمره، فإن عذابه شديدٌ لا مردّ له.
وها هي قصة لوط بشئ من التفصيل نتمني ان تنال اعجابكم





اترك تعليقك ..